{إِن كُلُّ مَن} نكرة موصوفة صفتها {فِى السماوات والأرض} وخبر {كل} {إِلاَّ ءَاتِي الرحمن} ووحد {آتى} و{آتيه} حملاً على لفظ {كل} وهو اسم فاعل من أتى وهو مستقبل أي يأتيه {عَبْداً} حال أي خاضعاً ذليلاً منقاداً، والمعنى ما كل من في السموات والأرض من الملائكة والناس إلا هو يأتي الله يوم القيامة مقراً بالعبودية، والعبودية والبنوة تتنافيان حتى لو ملك الأب ابنه يعتق عليه ونسبة الجميع إليه نسبة العبد إلى المولى فكيف يكون البعض ولداً والبعض عبداً! وقرأ ابن مسعود {آت الرحمن} على أصله قبل الإضافة {لَّقَدْ أحصاهم وَعَدَّهُمْ عَدّاً} أي حصرهم بعلمه وأحاط بهم {وَكُلُّهُمْ ءاتِيهِ يَوْمَ القيامة فَرْداً} أي كل واحد منهم يأتيه يوم القيامة منفرداً بلا مال ولا ولد أو بلا معين ولا ناصر.{إِنَّ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرحمن وُدّاً} مودة في قلوب العباد قال الربيع يحبهم ويحببهم إلى الناس وفي الحديث: «يعطى المؤمن مِقَةً في قلوب الأبرار ومهابة في قلوب الفجار». وعن قتادة وهرم: ما أقبل العبد إلى الله إلا أقبل الله بقلوب العباد إليه. وعن كعب: ما يستقر لعبد ثناء في الأرض حتى يستقر له في السماء.